اخبار محلية

نيوم تقود طفرة العقارات في المملكة

في السنوات الأخيرة، برزت المملكة العربية السعودية كلاعب رئيسي في المشهد الاقتصادي العالمي، مدفوعة برؤية 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط. ومن بين أبرز القطاعات التي شهدت تحولات جذرية ونموًا سريعًا هو قطاع العقارات، الذي تحول من سوق تقليدي إلى بيئة ديناميكية تستقطب المستثمرين المحليين والدوليين على حد سواء.

رؤية 2030 ومحركات التغيير

جاء إطلاق رؤية 2030 كمحاولة استراتيجية لتوجيه الاقتصاد السعودي نحو التنوع والاستدامة. وتحت هذه المظلة، أُطلقت مجموعة من المشاريع العملاقة أو ما يُعرف بـ “الجيجا بروجيكتس”، مثل مشروع نيوم، والقدية، والبحر الأحمر، والتي تضم استثمارات ضخمة في البنية التحتية والسياحة والابتكار والتكنولوجيا. وقد انعكس هذا التوجه بشكل مباشر على سوق العقارات، الذي أصبح الآن محورًا أساسيًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

مشروع نيوم وحده، الممتد على مساحة تبلغ 26,500 كيلومتر مربع في شمال غرب المملكة، يمثل نموذجًا لمدينة المستقبل، حيث التخطيط الحضري المتطور، والطاقة المتجددة، والتقنيات المتقدمة، مما يجعله بيئة مثالية لجذب المستثمرين العقاريين والمطورين من مختلف أنحاء العالم.

تزايد الطلب على الإسكان

وفقًا لتقرير صادر عن شركة الاستشارات العقارية العالمية “Knight Frank”، تحتاج السعودية إلى بناء حوالي 115,000 وحدة سكنية سنويًا على مدى السنوات الست القادمة لتلبية الطلب المتزايد على المساكن، خصوصًا مع التوسع السكاني الملحوظ وارتفاع نسبة الشباب بين السكان. ويأتي ذلك في ظل توجه حكومي واضح لرفع نسبة تملك المواطنين للمساكن إلى 70% بحلول عام 2030، مقارنةً بنسبة 63.7% في عام 2023.

تُعد هذه الحاجة المتزايدة للإسكان فرصة كبيرة للمطورين العقاريين، الذين بدأوا بالفعل في إطلاق مشاريع جديدة تغطي مختلف الشرائح، من السكن الفاخر إلى المساكن المتوسطة والميسورة التكلفة.

ارتفاع الاستثمارات الخاصة

بحسب استطلاع حديث أجرته “Knight Frank”، من المتوقع أن يبلغ حجم إنفاق المستثمرين من القطاع الخاص في سوق العقارات السكنية السعودية حوالي 1.22 مليار دولار أمريكي في عام 2025. ووفقًا لنفس المصدر، فإن المستثمرين المحليين والمقيمين ذوي الدخل المرتفع أبدوا اهتمامًا خاصًا بمشاريع مثل نيوم، حيث أشار 41% من المستطلعين من ذوي الدخول التي تفوق 21,600 دولار شهريًا إلى استعدادهم لإنفاق أكثر من 5.4 مليون دولار على منازل في هذه المشاريع المستقبلية.

نيوم: قلب التحول العقاري

تُعد نيوم أكثر من مجرد مشروع عمراني؛ إنها تجربة حضارية جديدة بالكامل. تخطط المملكة لأن تستوعب المدينة نحو 9 ملايين نسمة، من خلال وحدات سكنية متقدمة موزعة على مناطق مثل “ذا لاين”، و”أوكساجون” (المدينة الصناعية العائمة)، و”تروجينا” (المنطقة الجبلية التي ستستضيف فعاليات شتوية). هذا التحول لا يعيد فقط تشكيل خريطة الإسكان في المملكة، بل يعيد تعريف مفاهيم المعيشة، والاستدامة، والتنقل.

رغم التحديات التي واجهها المشروع في بداية تنفيذه، بما في ذلك إعادة جدولة بعض الأهداف الزمنية، فإن نيوم لا تزال تحظى بدعم استثماري وحكومي كبير، مع اهتمام عالمي غير مسبوق من كبرى شركات التصميم والهندسة والتقنية.

مستقبل السوق العقاري في المملكة

التحولات الجذرية في المشهد العقاري السعودي لا تقتصر على المشاريع الكبرى فحسب، بل تشمل أيضًا إعادة هيكلة الأنظمة والقوانين العقارية. فقد تم إدخال تحسينات على لوائح تملك الأجانب للعقارات، وتطوير نظام الرهن العقاري، وتعزيز الشفافية من خلال منصات مثل “إيجار” و”سكني”.

ومن المتوقع أن تشهد المملكة في الأعوام القادمة تركيزًا أكبر على مشاريع المدن الذكية، والإسكان المستدام، وتكامل الخدمات الرقمية، مما سيعزز من جاذبية السوق ويزيد من تنافسيته إقليميًا وعالميًا.

فريق التحرير

اترك تعليقاً