تشهد الرعاية الصحية في السعودية تطورًا ملحوظًا في إطار رؤية 2030، حيث يبرز التحول الكبير نحو استخدام التكنولوجيا المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة. هذا التطور يهدف إلى رفع مستوى الخدمات الصحية، زيادة فعاليتها وكفاءتها، مما يعكس التزام المملكة بالابتكار والتقدم التكنولوجي في قطاع الرعاية الصحية.
وتعمل المملكة على تطبيق عدة مبادرات تكنولوجية متقدمة، تركز على الكشف المبكر والدقيق للأمراض، تحسين طرق إدارة المعلومات الصحية، وتقديم علاجات مبتكرة. بالإضافة إلى ذلك، تهدف السعودية إلى تعزيز استخدام الطب عبر الاتصالات والاستشارات الصحية عن بُعد، وهو ما يساعد في إتاحة الخدمات الصحية للمواطنين في جميع المناطق، بما في ذلك الأشخاص غير القادرين على زيارة المستشفيات والمراكز الصحية، خصوصًا كبار السن.
وقد قامت المملكة بتطوير خطة شاملة لتعزيز قطاع الرعاية الصحية، بهدف إنشاء نظام صحي مستدام يتوافق مع المعايير العالمية ويحقق الأهداف المنشودة ضمن إطار رؤية 2030. هذه الخطة تشمل إطلاق برنامج لتحول القطاع الصحي، يركز على الصحة العامة وجميع جوانبها، بهدف تسهيل الوصول إلى الخدمات الصحية وتحسين جودتها للمواطنين.
في نوفمبر الماضي، استضافت السعودية النسخة الأولى من القمة العالمية لإطالة العمر الصحي تحت شعار “معاً نزدهر”. هذه القمة كانت محورها تطوير علوم إطالة العمر الصحي، وهدفت إلى تعزيز التقدم في هذا المجال، رفع الوعي العام حوله، دعم الجيل الجديد من العلماء، وتشجيع التغييرات الجذرية في مجال إطالة العمر الصحي.
وتقوم المملكة بتنفيذ عدد من المبادرات المتقدمة لإدماج التكنولوجيا المعاصرة في نظامها الصحي. من بين هذه المبادرات تطوير السجلات الصحية الإلكترونية، وتطبيق الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الصحية لتقديم تشخيصات دقيقة، وكذلك استخدام تقنيات الواقع الافتراضي لتعزيز التدريب الطبي وبرامج إعادة التأهيل.
خلال فترة جائحة كورونا، أطلقت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي تطبيق “تباعد”، الذي يعمل كأداة لتنبيه الأشخاص الذين خالطوا مصابين بفيروس كورونا المستجد. بسرعة، استخدمت المملكة تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال التشخيص الطبي، من خلال تحليل الصور الطبية والبيانات السريرية، مما ساهم في تحسين دقة التشخيصات الطبية.
وتشهد السعودية نموًا ملحوظًا في ميدان الابتكارات الصحية، ومن ذلك تطوير تطبيقات للهواتف الذكية تسمح للمرضى بمراقبة صحتهم والتفاعل مع الأطباء عبر الإنترنت.
كما أن الروبوتات الجراحية والأساليب الطبية المتقدمة تشكل جزءًا أساسيًا من مستقبل الرعاية الصحية في المملكة، مساهمة في تعزيز فعالية العمليات الجراحية وتقصير فترة البقاء في المستشفيات.
ومع تزايد استخدام التكنولوجيا، تواجه المملكة تحديات ترتبط بأمن المعلومات السيبراني وحفظ سرية البيانات الصحية.
للتصدي لهذه التحديات، تسعى الحكومة إلى إنشاء إطار تنظيمي يكفل الخصوصية وحماية المعلومات الحساسة. تتعاون المملكة مع شركات التكنولوجيا لوضع معايير وتشريعات تضمن أمن البيانات، وتوفر الدعم الفني اللازم لتحديث البنية التحتية للرعاية الصحية.
وتركز السعودية على تطوير مهارات المهنيين الصحيين في استخدام التقنيات الحديثة، ما يسهم في استمرارية الابتكار في قطاع الرعاية الصحية.
كذلك، تعتمد المملكة على تحليل البيانات الكبيرة لتحليل انتشار الأمراض والتعرف على الأنماط الصحية، مما يدعم اتخاذ قرارات سياسية صحية أكثر كفاءة.
ويُتوقع أن يقود هذا الابتكار في الرعاية الصحية إلى تحسين جودة الحياة وزيادة متوسط العمر المتوقع، مع تخفيض التكاليف وزيادة الكفاءة، وهو ما ينعكس إيجابيًا على الاقتصاد الوطني. مع استمرار الاستثمار في التكنولوجيا والبحث، تتجه المملكة نحو تأسيس نظام صحي متطور يتماشى مع المعايير العالمية.
وتسعى المملكة لإنشاء مشاريع صحية رقمية متقدمة مثل العيادات الذكية ونظام الملف الصحي الإلكتروني الشامل، الذي يتيح للأطباء الوصول السريع والمُحدث لسجلات المرضى الطبية.
وتحفز السعودية الشركات المحلية على تطوير وإنتاج أجهزة طبية مبتكرة تلبي المعايير الدولية، مما يساهم في خفض الاعتماد على الواردات ودعم الصناعة المحلية. كما تعمل بالتعاون مع مؤسسات صحية دولية مرموقة لتبادل الخبرات وتطبيق أفضل الممارسات في مجال الرعاية الصحية.
وتدعم المملكة البحث العلمي في قطاع الصحة والطب، بهدف تطوير علاجات ولقاحات جديدة، وتحسين أساليب التشخيص والعلاج للأمراض المزمنة والمعدية.