أعلنت نيوم، المشروع السعودي الرائد، عن اتفاقية استراتيجية مع شركة “داتا فولت”، المطور والمشغل الوطني المتخصص في البنية التحتية الرقمية، لإنشاء مركز بيانات متطور خاص بتقنيات الذكاء الاصطناعي بقيمة استثمارية تبلغ 5 مليارات دولار.
وسيقام هذا المركز في مدينة أوكساجون الصناعية، إحدى المناطق الأساسية ضمن مشروع نيوم، وستكون طاقته التشغيلية في المرحلة الأولى 1.5 جيجاوات، ومن المتوقع أن يبدأ التشغيل الفعلي بحلول عام 2028.
تأتي هذه المبادرة في سياق التزام المملكة بتحقيق أهداف “رؤية السعودية 2030″، التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، عبر بناء اقتصاد قائم على المعرفة والتكنولوجيا، وتحويل نيوم إلى مركز عالمي للتقنيات الحديثة والسياحة الفاخرة.
منذ الإعلان عن نيوم عام 2017 بمبادرة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والمشروع يحظى باهتمام دولي باعتباره من أبرز مشاريع التنمية الحضرية والاقتصادية المستقبلية. ويضم بين جنباته مشروعات عملاقة، منها “ذا لاين” المدينة الذكية المصممة لتستوعب 9 ملايين نسمة، إلى جانب منتجعات عالمية الطراز، وحدائق ترفيهية، وأول ساحة تزلج اصطناعية تعمل على مدار السنة في منطقة الشرق الأوسط.
تحول استراتيجي نحو الذكاء الاصطناعي
لم يعد الذكاء الاصطناعي خيارًا إضافيًا في الأجندة السعودية، بل أصبح ركيزة محورية في استراتيجيتها الوطنية. فقد أعلن ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة، عن خطة طموحة تهدف إلى جعل المملكة مركزًا عالميًا للذكاء الاصطناعي، مستفيدة من مواردها الطاقية الهائلة وقدراتها الاستثمارية الضخمة.
وبحسب ما نشرته وكالة بلومبرج، فإن السعودية بصدد إطلاق صندوق استثماري بقيمة 40 مليار دولار بالتعاون مع مؤسسات دولية لدعم مشروعات الذكاء الاصطناعي. كما تعمل المملكة على مشروع آخر تبلغ قيمته 100 مليار دولار لتعزيز بنيتها التحتية الرقمية وترسيخ مكانتها كمحور رئيسي لهذا القطاع على المستوى العالمي.
إعلانات وشراكات خلال مؤتمر LEAP
شهد مؤتمر LEAP التقني الذي احتضنته العاصمة الرياض، إعلان الاتفاق مع داتا فولت، إلى جانب الكشف عن عدد من الاستثمارات الجديدة في مجال الذكاء الاصطناعي. وقد شاركت في هذه الإعلانات شركات تقنية كبرى مثل “أرامكو ديجيتال”، “سيلز فورس”، “كوالكوم”، و”Groq Inc”، مما يؤكد جاذبية السعودية كمركز صاعد للتقنيات الحديثة والشركات العالمية المتخصصة.
أوكساجون… نحو صناعة ذكية تعتمد على الطاقة النظيفة
تمثل أوكساجون نموذجًا جديدًا للمناطق الصناعية، إذ تُعد من أكبر المجمعات الصناعية العائمة في العالم، وتطمح إلى الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة لتغذية مشاريعها. ويعد مركز البيانات الجديد حجر الأساس في هذه المنظومة، التي تهدف إلى توفير بيئة متكاملة للابتكار الصناعي وتطوير تقنيات المستقبل.
بهذه الاستثمارات الطموحة، تواصل السعودية تعزيز حضورها العالمي كمركز للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي. فمع كل خطوة جديدة، ترسخ المملكة أسس مستقبل ذكي ومستدام، يستقطب الشركات الكبرى والمواهب العالمية، ويضعها في مقدمة الدول الساعية إلى قيادة الثورة الصناعية القادمة.
صفقة تمويل تاريخية بقيمة 3 مليارات دولار بضمان «SACE» الإيطالية
وكانت نيوم قد أعلنت بداية هذا العام عن إتمام إغلاق صفقة تمويل تاريخية بضمان وكالة ائتمان الصادرات الإيطالية «ساچِه» (SACE)، حصلت بموجبها على نحو 3 مليارات دولار أمريكي ضمن تسهيل ائتماني طويل الأجل ومتعدّد العملات، غير مقيّد بوجه محدّد للإنفاق.
تمثل الصفقة أول تمويل مؤسسي بضمان وكالة ائتمان صادرات في تاريخ نيوم، وأكبر تمويل «غير مقيّد» تكفله «ساچِه» على الإطلاق. ويشارك في التسهيل ائتلاف يضمّ تسعة من أبرز البنوك الدولية: إتش إس بي سي، وبانكو بيلباو فيزكايا أرجنتاريا (BBVA)، وبنك الصين، وكريدي أغريكول CIB، والبنك الزراعي الصيني، وسيتي، وبنك التعمير الصيني، وجي بي مورغان، وبنك أوف أمريكا.
سيمكّن هذا التعاون نيوم من الاستفادة من سلاسل الإمداد الإيطالية—ولا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة—لدعم مشاريعها في قطاعات أساسية مثل البنية التحتية، والتطوير الحضري، والإنشاءات، والنقل (السككي، والبري، والبحري). وحتى الآن بلغ إجمالي العقود الممنوحة للموردين والمقاولين الإيطاليين في نيوم 6.3 مليارات دولار، ومن شأن الصفقة تعزيز هذه العلاقات التجارية الدولية وتنميتها.
قال المهندس أيمن المضيفر، الرئيس التنفيذي المكلف لنيوم:
«تلتزم نيوم بالعمل مع شركاء عالميين يشاطروننا الشغف بالمشاريع والرؤى المستقبلية التي تدفع مسيرة التقدّم البشري. هذا التمويل يدعم تنفيذ محفظتنا الكبيرة من التطويرات، ويعكس الثقة الراسخة التي توليها المؤسسات المالية الرائدة لنيوم حول العالم. كما يسهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030 لجذب الاستثمارات وتنويع الاقتصاد، ويعزّز الروابط التجارية مع كبرى الشركات الإيطالية، ما ينعكس إيجابًا على حركة التجارة والاستثمار العالمية.»
من جانبها صرّحت أليساندرا ريتشي، الرئيس التنفيذي لـ«ساچِه»:
«يسرّنا أن نسهم إلى جانب نيوم في هذا المشروع الرائد الذي يفتح آفاقًا واسعة أمام الشركات الإيطالية الصغيرة والمتوسطة وسلاسل الإمداد الوطنية. فتح مسارات جديدة لمنتجات “صُنع في إيطاليا” أولوية لضمان نمو طويل الأمد لصادراتنا. ويقدّم مكتبنا في الرياض الدعم المطلوب للشركات الإيطالية وشركائها عبر حلول تمويل وضمان متكاملة، مدعومة بوجود فعلي في المنطقة.»
يُسهم هذا التسهيل «غير المقيّد» بضمان «ساچِه» في توسيع وتنويع قاعدة تمويل نيوم، بما يلبي متطلبات التمويل طويلة الأجل مع مضيّ المشروع قدمًا في تطوير مناطقه ومبادراته الكبرى.