في إطار جهودها المستمرة نحو تحقيق تقدم اقتصادي ورفع مستوى جودة الحياة، لم تتجاهل المملكة العربية السعودية مسؤوليتها العالمية في العمل على حماية البيئة من التأثيرات السلبية للتغير المناخي. وقد أعلنت عن التزامها بالوصول إلى مستويات صفرية من الانبعاثات الكربونية بحلول العام 2060. إضافة إلى ذلك، التزمت المملكة بأن تكون نسبة 50 في المئة من إنتاج الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام 2030.
فيما يتعلق بالتمويل المستدام، ضمن الجهود المبذولة في برنامج تطوير القطاع المالي لتحقيق الاستدامة، قدمت المملكة العربية السعودية مبادرة التمويل الأخضر. هذه المبادرة تهدف إلى دعم مستقبل يتسم بالاستدامة الأكبر، ابتداءً من وضع السياسات والاستثمار وصولاً إلى التخطيط وإنشاء البنية التحتية. إطار التمويل الأخضر، الذي أصدرته وزارة المالية، يحدد الاستراتيجية والمشروعات والبرامج المستهدفة للتمويل بهدف تحقيق التنمية المستدامة. هذا من خلال توفير مصادر تمويل تدعم جهود الحفاظ على البيئة ضمن استراتيجية شاملة بمشاركة صندوق الاستثمارات العامة، صندوق البيئة، جهات التمويل والقطاع البنكي، وغيرها من المؤسسات.
في أكتوبر من العام 2022، نجح صندوق الاستثمارات العامة في إصدار أول سنداته الخضراء الدولية، ضمن برنامج الصندوق الدولي لأدوات الدين، مما يعكس الثقة العالية بالمركز المالي للصندوق. هذا الإصدار تمكن من جمع 3 مليارات دولار أمريكي، ما يعادل 11.25 مليار ريال سعودي، بهدف تمويل أو إعادة تمويل استثمارات الصندوق الخضراء. الصندوق تلقى طلبات اكتتاب تجاوزت الـ24 مليار دولار أمريكي، ما يعادل أكثر من 90 مليار ريال سعودي، ما يعكس الثقة الدولية بالصندوق كواحد من أكبر صناديق الثروة السيادية وأكثرها تأثيراً على الصعيد العالمي.
وفي فبراير من العام 2023، نجح الصندوق في إتمام طرحه الثاني للسندات الخضراء الدولية، جامعًا فيه 5.5 مليار دولار أمريكي بهدف تمويل وإعادة تمويل مشاريع الصندوق الخضراء، وفقاً لإطار عمل التمويل الأخضر الخاص بالصندوق. مجموع طلبات الاكتتاب تجاوز في هذه المرة الـ33 مليار دولار أمريكي، مع نسبة تغطية تفوق الـ6 أضعاف الإجمالي المطلوب، ما يؤكد مرة أخرى على الثقة الكبيرة في الصندوق.
الصندوق يستهدف من خلال هذه الإصدارات توفير التمويل الضروري لمشاريع مؤهلة ذات طابع بيئي في مجالات مثل الطاقة المتجددة، كفاءة الطاقة، الإدارة المستدامة للموارد المائية، مكافحة التلوث، المباني الخضراء، ووسائل النقل النظيف.