في العام الثامن من إطلاقها، أنارت رؤية السعودية 2030 مسارًا متجددًا نحو مستقبل مزدهر يشهد نموًا مستمرًا للوطن والمواطن، بما يسهم في توفير فرص نجاح متعددة للأجيال القادمة. تتأسس هذه الرؤية على ثلاث ركائز رئيسية تشكل مواطن القوة فيها، حيث تبرز الركيزة الأولى أهمية المملكة كمركز رئيسي للعالم العربي والإسلامي، ما يمنحها مكانة ثقافية راسخة وعريقة تعود إلى أعماق التاريخ.
أما الركيزة الثانية فتتمثل في القدرات الاستثمارية الهائلة التي تمتلكها المملكة، مما يمكنها من بلوغ آفاق اقتصادية جديدة من خلال تنمية الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل. هذا ويعتمد هذا التوجه على إمكانيات وطاقات شباب المملكة وشاباتها، الذين يشكلون أكثر من نصف تعداد السكان.
بالإضافة إلى ذلك، تُعد المملكة نقطة وصل استراتيجية تربط بين ثلاث قارات مختلفة، وتمر بها بعض من أهم الطرق البحرية على مستوى العالم، مما يعزز من موقعها الجغرافي ويكسبها مكانة عالمية بارزة.
خلال المرحلة الأولى من رحلة رؤية السعودية 2030، شهدت المملكة مجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية في عدة مجالات، مما مهد الطريق أمام تحول وطني ناجح وأصبحت آثاره ملحوظة على أرض الواقع. هذا مكن من بدء مرحلة ثانية من النمو وخلق فرص في مختلف القطاعات الواعدة، حيث يتسع دور القطاع الخاص في تحقيق الأهداف التنموية ضمن بيئة ممكنة وجاذبة، بما يضمن تنوعًا اقتصاديًا وأثرًا اجتماعيًا مستدامًا.
منذ إطلاق الرؤية، ساهمت الإنجازات المتوالية في تعزيز القطاع غير النفطي ونموه، مما أدى إلى تسجيل نمو في الأنشطة غير النفطية في عام 2023 لتشكل نصف الناتج المحلي الإجمالي. كما حافظ معدل البطالة بين السعوديين على مستويات قريبة من الأهداف الموضوعة لعام 2030، وقد شهدت المملكة تقدمًا في العديد من المؤشرات الدولية. في القطاع اللوجستي، تم إطلاق أربع مناطق اقتصادية خاصة، ما عزز من جذب الاستثمارات النوعية وأدى إلى ازدهار غير مسبوق في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كما واصل القطاع الصناعي إنجازاته، بما في ذلك توطين صناعة السيارات وافتتاح أول مصنع لإنتاج السيارات الكهربائية في المملكة، بالإضافة إلى توطين الصناعات العسكرية والدوائية.
وتواصل المملكة استكشاف ثرواتها الطبيعية من المعادن والنباتات والمياه والثقافة والآثار في مساحاتها الواسعة، التي تجعلها من أكبر مخازن الثروات في العالم. ففي العام الماضي وحده، كُشف عن ثروات معدنية بقيمة تقدر بحوالي تسعة تريليونات ريال سعودي.
تتواصل الجهود لبناء اقتصاد أخضر يساهم في الحفاظ على البيئة ويعزز استدامتها، بما يشكل مجتمعًا حيويًا يتمتع بجودة حياة عالية وصحة ممتازة. وفي جانب تنمية ورخاء المجتمع، استمرت الجهود في تمكين القطاع غير الربحي وتنميته، وفي تمكين الأسر السعودية من تملك مساكنهم بتوفير حلول سكنية متنوعة. كما ساهمت البرامج والمبادرات في دعم وتنمية قدرات الشباب السعودي لينافسوا عالميًا.
ترتكز الرؤية على قيم متجذرة في وجدان المجتمع السعودي ومن هذا المنطلق، تواصل المملكة جهودها في خدمة ضيوف الرحمن وتفتح أبوابها للعالم لتشاركهم ثقافتها الغنية وتحتفي بالضيوف وترحب بهم بحفاوة.
اليوم، تحقق الرؤية أهدافها بسرعة أكبر، وقد تجاوزت بالفعل عدة مستهدفات محددة لعام 2030 قبل الموعد المحدد، ما يرفع سقف الطموحات لأهداف أعلى، إذ تسعى رؤية السعودية 2030 لترسيخ أثر دائم يستمر إلى ما بعدها، ويدفع بمزيد من التطورات والمنافع للمملكة وتوفير فرص أكبر لمواطنيها.